من باريس إلى المغرب.. شبكة إجرامية تستغل التكوين المهني لتبييض أموال المخدرات
تتوسع خيوط إحدى أخطر الشبكات الإجرامية التي تنشط في ضواحي باريس، بعد أن كشفت تحقيقات قضائية فرنسية تورط مجموعة من المشتبه فيهم، من بينهم مغاربة، في عمليات ممنهجة لغسل الأموال المرتبطة بالاتجار الدولي في المخدرات، عبر مسارات احتيالية معقدة تمتد إلى خارج التراب الفرنسي.
وتستند الشبكة إلى آليات غير تقليدية لإخفاء مصادر الأموال غير المشروعة، من خلال استغلال القروض المهنية وبرامج التكوين المزيف، التي تبدو قانونية ظاهرياً، لكنها تخفي وراءها أنشطة مالية مشبوهة.
المثير في القضية أن التحقيقات أماطت اللثام عن مخطط لاختطاف موظف جماعي بغرض ابتزازه مقابل فدية مالية وصلت إلى 400 ألف يورو، مما أثار صدمة في الأوساط الأمنية وأكد الطبيعة الخطيرة لهذه الشبكة.
وقد مثل ثلاثة من المتهمين أمام القضاء في محكمة “بوبيني” شمال باريس، بتهم تتعلق بـ”تكوين عصابة إجرامية، ومحاولة اختطاف، وغسل أموال”، في وقت قررت فيه المحكمة تأجيل البت في الملف إلى منتصف شتنبر المقبل، في انتظار تعميق التحقيقات.
انطلقت القضية عندما وضعت السلطات الأمنية يدها على دلائل تشير إلى استغلال غير قانوني لآلية الحساب المهني للتكوين، حيث كان يتم توجيه مبالغ ضخمة لتمويل تكوينات وهمية تُستخدم كغطاء لتبييض الأموال. وخلال تتبع الأنشطة الرقمية للمشتبه فيهم، تمكنت وحدة مكافحة الجريمة الإلكترونية من اختراق تطبيق “سيغنال”، وكشفت محادثات سرية حول تنفيذ عملية اختطاف لرجل يُدعى “سامي”.
لكن المفاجأة أن “سامي” لا علاقة له بأي نشاط مالي أو جنائي، سوى أنه كان ضحية محتمَلة بسبب علاقة سابقة بقروض مالية مرتبطة بالشبكة.
وتشير معلومات استخباراتية إلى أن أنشطة الشبكة لا تقتصر على فرنسا فقط، بل تمتد إلى المغرب، حيث يُعتقد أن هناك واجهات تجارية وتدريبية مزيفة، خاصة في الشمال، تستعمل لتبييض أرباح الاتجار بالمخدرات وتدويرها داخل الاقتصاد الرسمي الأوروبي.
القضية، التي لا تزال مفتوحة على احتمالات متعددة، تضع ملف الجريمة المنظمة العابرة للحدود مجددا تحت مجهر السلطات الفرنسية، التي تؤكد أن مكافحة شبكات غسل الأموال وتهريب المخدرات أصبحت أولوية أمنية واستراتيجية.