كتاب الرأي

300 ألف يهتفون لطوطو… فهل نحتفل أم نقلق؟

في ليلة صاخبة بمهرجان “موازين”، وقف مغني الراب المغربي طه الفحصي، المعروف بلقبه “طوطو”، أمام جمهور تجاوز 300 ألف متفرج، قدموا من مختلف أنحاء البلاد.

مشهد مهيب بلا شك، يعكس شعبية جارفة وشغفا فنيا متصاعدا، لكن السؤال الحقيقي ليس عن حجم الحشود، بل عن طبيعة الرسالة التي تقدم من فوق المنصة، وما إن كانت هذه الرسالة تساهم فعلا في بناء الوطن والمواطن الذي نحلم به.

لا أحد ينكر أن طوطو يملك كاريزما فنية وحضورا قويا بين الشباب، وهو يعكس تحولات الذوق العام والانفتاح على موسيقى الراب كلون تعبيري جديد.

لكن خلف هذا التألق الفني، تطفو على السطح تساؤلات مقلقة حول محتوى أغانيه التي لا تخلو من إشارات إلى “الحشيش”، و”الخمور”، و”الوشوم”، ومعجم يومي يخدش الحياء أحيانا، فهل هذا ما نرغب أن يقتدي به الجيل الصاعد؟

إن الشباب في لحظة التكوين الوجداني والفكري يبحث عن قدوة، عن من يجسد النجاح والتأثير، لا من حيث الشعبية فقط، بل من حيث القيم، وحين يصبح نجم الراب، بصورته الاستعراضية والمثيرة للجدل، مرجعا أساسيا لجيل بأكمله، فإننا أمام أزمة ثقافية حقيقية في تعريف “النجاح” و”القدوة”.

متى أصبح تدخين الحشيش على المنصة نوعا من التمرد المشروع؟ ومتى تحول غياب الالتزام الأخلاقي إلى موضة يصفق لها الجمهور؟ أليست هذه المشاهد اختزالا خطيرا لمفهوم الحرية؟ أين ذهب النقاش حول الفن الهادف، حول رسالة الفنان كمساهم في البناء القيمي للمجتمع؟

نحن اليوم في حاجة ماسة إلى مراجعة معايير النجاح التي نروج لها، وإلى إعادة الاعتبار لرموز اجتهدت بصمت، وساهمت في تنمية الوطن من مواقع متعددة: معلمون، مبدعون، مفكرون، رواد أعمال… لا ضير في أن نحترم حرية التعبير الفني، لكن لا ينبغي أن نسلم الأجيال القادمة لخطاب معلب يمجد الانفلات كأنه بطولة.

الفن أداة تغيير، إما أن يسهم في تهذيب الذوق والارتقاء بالوعي، أو يوظف لشرعنة التفاهة وتطبيع الانحدار. بين طوطو و500 ألف متفرج، هناك سؤال معلق في سماء،  من نقدم كقدوة؟ وما الرسالة التي نريد أن نزرعها في عقول جيل سيحصد ما زرعه طوطو وما شابهه؟

 

[totalpoll id="28848"]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى