في واحدة من خرجاتها الصحفية التي تعكس سطحية التعاطي مع ثقافات الشعوب الأخرى، نشرت صحيفة ديلي ميل البريطانية مقطع فيديو من داخل مخبزة مغربية بمدينة الدار البيضاء، يظهر مجموعة من النحل تحوم حول بعض الفطائر، وعلى رأسها “الكرواصة”.
ولأن الصحيفة اعتادت استهلاك المواد “الغريبة” من العالم الثالث بشكل استشراقي، فقد أرفقت المقطع بتعليق ساخر: “كرواصة بدون نحل، رجاءا”.
هذا الأسلوب في التناول الإعلامي يكشف مجددا عن أزمة عميقة في فهم الصحافة الغربية للواقع اليومي في دول مثل المغرب.
بالنسبة للبريطاني العادي، يبدو النحل فوق كرواصة حدثا “صادما”، لكنه في السياق المغربي مشهد مألوف، يعكس بيئة محلية لا تزال تحتفظ بكثير من مظاهر العيش الطبيعي، خارج نطاق الأطعمة المعدلة والتغليف الصناعي المبالغ فيه.
المثير أن الصحيفة كانت تنتظر سيلا من التعليقات الغاضبة أو الساخرة من المتابعين، لكنها فوجئت بتعليقات تثني على “أصالة” الفطائر المغربية، وتعتبر أن وجود النحل دليل على نقاء المكونات. البعض ذهب إلى اعتبار النحل “خبير تذوق طبيعي”، لا يقف إلا على ما هو نظيف وخالص.، وهنا كانت المفاجأة: رؤية الجمهور أعمق من رؤية الصحيفة.
ما يثير التساؤل حقا هو سبب هذا الانبهار المبالغ فيه من طرف وسائل إعلام مثل ديلي ميل عند التعامل مع تفاصيل بسيطة في الحياة اليومية لدول الجنوب، هل هو جهل ثقافي؟ أم استعلاء حضاري خفي يجعل من كل ما هو غير “غربي” مادة للضحك أو الدهشة؟
قد تكون ديلي ميل في نهاية المطاف تبحث عن مادة خفيفة لصفحة الفيديو، لكنها في طريقها إلى ذلك وقعت ضحية نزعة صحفية متعالية ترى في العالم غير الغربي مجرّد “فلكلور” قابل للعرض، لا للفهم.
