إن الفراعنة والأباطرة تألهوا لأنهم وجدوا جماهير تخدمهم بلا وعي، قد تبدوا كلمات المفكر المصري محمد الغزالي لا صلة لها بمنظومة التسيير الكروي ببلدنا، لكن رويدا رويدا ستتعرفون على سبب اختياري لهذه المقولة بالضبط.
ففي سنة 2020 وفي ظل الانفجار الالكتروني و الرقمي، لازالت جامعتنا الكروية بكل مكوناتها و أقسامها ولجانها تسير بطرق أقل ما يمكن أن نقول عنها بدائية، تترتب عنها نتائج كارثية ذو تأثير على الأجيال الحالية والصاعدة لا محالة. فإسناد الأمور إلى إطار مالي و رجل أعمال و سياسي، لن يزحزح الكرة الوطنية من مكانها بل سيعيق تطورها، وهذا ما نجنيه حاليا مع توالي الاختلالات، آخرها برمجة لقاء الرجاء ضد الدفاع الجديدي. فالقائمون على أعلى مراتب التسيير الكروي في المغرب لا يفقهون شيئا سوى التوقيع على الوثائق و “تخراج العينين” في كل من تطاول على نموذجهم التسييري الأعوج، و ممكن أن نذهب بعيدا في تصورنا و نربط عدم توفر لجنة النموذج التنموي على عضو يدافع على الرياضة الوطنية خير دليل على أن الرياضة في هذا البلد “غير زايدة” ومنفذ للاغتناء بالنسبة للبعض.
وفيما يخص برمجة مباراة الرجاء والدفاع، أريد أن أقول لهؤلاء الذين يهللون للعصبة الاحترافية ويحيونها على صرامتها في اتخاذ هذا القرار أن ذاكرتهم جد ضعيفة، ففي 2 دجنبر 2019 اجتمع المكتب المديري للجامعة و خصص حيزا زمنيا مهما للبرمجة ومعيقاتها، وتم الاتفاق على ضرورة التطبيق الحرفي لمعايير البرمجة مع استثناء الظروف القاهرة. فتواجد الرجاء الرياضي بالجزائر ظرف من تلك الظروف القاهرة فالفريق حسب ناطقها الرسمي سعيد وهبي تلقى مراسلة تخبرهم بإجراء مباراتهم المؤجلة وهم بالديار الجزائرية مما يستحيل عليهم تلبية هذا الطلب، و أكد أن النادي لن يحاول طي ذراع الجامعة و إنما سيحاول الوصول إلى حل يرضي كل الأطراف، لأن مسؤولوا الفريق البيضاوي متشبثين بأن الفريق لا يخرق القانون، كما أن مكونات الفريق البيضاوي تعاطت مع هذه النازلة ببرودة دم وذلك راجع إما لاحترافية طاقمها الإداري أو فقط لتفضيلهم بطولة على أخرى واقتناعهم باختياراتهم.
ولتفادي المشكل برمته كان على الجامعة منذ بداية الموسم أن تعتبر البطولة العربية بطولة غير رسمية لتتجنب الوقوع في مثل هذه النازلة، وهو أمر مستحيل نظرا للدلالات التي تحملها هاته البطولة والتي يعرفها الجميع، فلنضحي بالرجاء و “تعوم فبحرها.”
رفض الخبراء وعدم قدرتهم على الإفتاء في هذه النازلة باعتبارهم إما أننا مقبلين على معركة قانونية طاحنة لاسترجاع الثلاث نقاط وإما سيتم تيسير الأمور للوصول إلى حل يرضي كل الأطراف، علما أن الدفاع الجديدي ستأتيه ثلاث نقاط “باردة” من الصعب أن يتخلى عنها بسهولة، هو دليل آخر أن الكل يتجنب الإفتاء إما بغرض عدم التأثير و التشويش وإما أننا فعلا أمام حالة مستعصية.
والذين يشيرون إلى فريق ليفربول الإنجليزي، ولعبه بالفريق الرديف في منافسات الكأس، بينما الفريق الأول ينافس على كأس العالم للأندية، أذكركم أنه في المقابل فريق برشلونة سنة 2000 رفض خوض مباراة الكأس بداعي عدم توفره على عدد كافي من اللاعبين لإجراء تلك المباراة، فلا داعي مقارنة أندية و بطولات عالمية ببطولتنا المنحرفة.
يحز في النفس أن تشاهد كيف تسخر الآلة الإعلامية وكيف يتم تجنيد كما هائلا من الصحافيين يتهافتون وراء كتابة مادة دسمة أو متسخة فقط لإرضاء عضو أو رئيس معين حتى يحظى بمباركته، صحافيين لا يتقصوا الحقائق لأن ما يصدر عن “مولاه” كلام منزل و على صواب لا يجب الطعن فيه، ومن يتجرأ سيجد جريدتي لهم بالمرصاد، صحافيين فقدوا حس الحياد فقط من أجل “بادج” في آخر كل أسبوع، صحافيين لا يدرون الضرر الكبير الذي يتسببون فيه لهذا الجسم، صحافيي “دهن السير يسير”. المغاربة يستحقون أفضل بطولة في المنطقة في ظل ما يتم رصده من مبالغ مالية لتطوير الكرة الوطنية، إلا أن تعنت البعض، سوء التسيير، العشوائية، الفساد، باك صاحبي، كلها تجعلنا نعيش الاحتراف بالاسم و الانحراف بالعقلية.
…