سياسة

بورتري: امحند العنصر.. الخالد وسط حقل السنابل

“نجاتك من هذه الحادثة معجزة.. إنها رسالة من السماء تخبرك أنك خالد وسط سنابل القمح”، ربما هكذا فسر المنجمون لامحند العنصر، السياسي التليد والأمين العام الدائم لحزب الحركة الشعبية، نجاته من حادثة كادت تكون مميتة على الطريق الرابطة بين طنجة وأصيلة في فبراير من هذا العام، حيث تعرضت سيارته لوابل من الحجارة أصابتها بأضرار كبيرة دون أن يمسه هو أي خدش، الأمر الذي جعله يترشح ويصعد إلى رئاسة حزب “السنبلة” مرة أخرى أمس السبت.

وكان المؤتمر الثالث عشر لحزب الحركة الشعبية الذي احتضنته القاعة المغطاة الأمير المولى عبد الله بـالرباط أمس السبت، لقاء “تحصيل حاصل” لا أكثر، فمنذ أن أعلن العنصر قبلها بأيام ترشحه لولاية جديدة “بإصرار من مناضلي الحزب”، وأيضا مع أفول فرضية تولي محمد حصاد وزير الداخلية السابق لهذا المنصب، باتت إعادة تسمية “الزعيم الدائم” في منصبه مسألة وقت فقط، وهو ما تم بالفعل.

مسلسل حكايات العنصر وكرسي الأمانة العامة لحزب “سنابل القمح”، -الحزب الذي يصفه أعضاؤه بالمنتصر للفلاحين والهوية الأمازيغية وأيضا لليبرالية- وصل أمس حلقته التاسعة، فسنة 1986 وقبل سنوات من الاندماج مع الحركة الوطنية الشعبية، صعد “سي امحند” إلى موقع الأمين العام للمرة الأولى عن طريق التعيين عقب مؤتمر استثنائي، ومن ساعتها لم يتخل ابن “إيموزار مرموشة” عن هذا الموقع منذ اختياره عن طريق الانتخاب أول مرة سنة 1993 وهو الكهل ابن 51 عاما، وإلى حين “تجديد الثقة فيه” البارحة وهو العجوز ذو الـ76 ربيعا الذي بلغ من العمر عتيا.

يوصف العنصر من قِبل خصومه وأيضا من طرف الكثير من أصدقائه –ولو سرا- بأنه من الخالدين في المناصب، فالرجل تجاوز كل الهزات السياسية التي عرفها المغرب والتي عرفها حزبه، بل التي عرفها هو شخصيا، إذ لم يمنعه ظهره المُحدَودب من أثر التقدم في العمر ولا مشيته البطيئة ولا التجاعيد التي غزت وجهه من الصعود لرئاسة حزبه مرة أخرى، كما لم تمنع فضائح “وزير الشكلاتة” ثم “وزير الكراطة” وكذا “وزيرة الأزبال”، بل وحتى واقعة “الزلزال الحكومي” التي أطاحت من بين من أطاحت بهم بخليفته المحتمل محمد حصاد، -لم تمنع- حزبه من مواصلة الإبحار في سفينة الحكومة أيا كان رئيسها، ما دام لرئيس السنابل موقع فيها.

وحكاية العنصر مع المناصب الحكومية بدأت قبل زواجه الكاثوليكي بالأمانة العامة لحزبه، ففي نونبر من عام 1981 عين كوزير للبريد والمواصلات السلكية واللاسليكية، وهو المنصب الحكومي الذي انقرض قبل أن يخرج الوزير من كنف الحكومات المتعاقبة، ليصبح وزيرا للفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية ما بين 2002 و2007، ثم ارتضى أن يكون وزيرا للدولة بدون حقيبة ما بين 2009 و2012، بل إنه نجا رفقة حزبه من طوفان حراك 2011، ليصبح وزيرا للداخلية ما بين 2012 و2013 في حكومة عبد الإله بن كيران الأولى، ثم وزيرا للإسكان وإعداد التراب الوطني في حكومة ابن كيران الثانية ما بين 2013 و2015.

وشاءت الأقدار أن لا تنهي وجود العنصر في الحكومات إلا بشكل ساخر، حين صار في 2015 وزيرا للشباب والرياضة وهو ابن 73 عاما، لكن خروجه هذا لم يكن من أجل التقاعد من المناصب كلها، بل فقط من أجل الانتقال من ميدان المسؤوليات الحكومية إلى مسؤولية جديدة أكسبها دستور 2011 والانتخابات الجهوية لسنة 2015 قيمة كبيرة باعتبارها “قاطرة للتنمية”، والحديث هنا عن الجهوية المتقدمة، فالعنصر حين أراد أن “يرتاح” في أرذل العمر –حسابيا على الأقل- صار رئيسا لـجهة فاس مكناس.

وما دام المنجمون عاجزين عن معرفة موعد وضع العنصر لسلاح المسؤولية، سيظل اسم “سي امحند” رقما حاضرا في معادلة السياسة المغربية، غير مبالٍ بـ”موديله القديم” في ساحة صارت أسماء أكثر “ملاءمة للموضة” مثل “نبيل ونزار وسعد الدين…” هي التي تقود فيها الأحزاب، وذلك ربما لأن سنابل القمح قديمة وأزلية ولا يُحسن التعامل مع حباتها إلا اسم عتيق وخالد!

المصدر
موقع 9 أبريل
[totalpoll id="28848"]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى