كابوس الانتحار يرخي بظلاله على جهة الشمال
قبل أيام استفاقت مدينة طنجة على مشهد بشع، شخص علق نفسه بشجرة وسط حديقة عامة بعد انسداد الأفق في وجهه بينما ظل كلبه جاثيا عن أرجله. الأمر الذي دفع موضوع الانتحار إلى السطح من جديد. حيث بات المغرب على وجه التعميم وجهة الشمال على وجه الخصوص، يعيش في ظل فيروس ربما يعد أخطر من فيروس “كورونا“، نظرا لحصده لأرواح ضحاياه بصمت دون أن يدري أحد ومن ضمنهم الضحايا أنهم يعانون من المرض. فقد أصبحت إحصائيات الإنتحار بجهة الشمال والتي تزداد كل سنة، تشكل خطرا حقيقيا يجب الالتفات له عاجلا حتى لا نتحول إلى “كوريا شمالية” جديدة، نعيش ونتعايش مع شبح الاكتئاب والانتحار وكأنه جزء من حياتنا اليومية.
وفي غياب لأرقام أو إحصائيات رسمية للانتحار في المغرب منذ سنوات، قامت “سكاي نيوز عربية” بإحصاء أعداد حالات الانتحار، عبردراسة اعتمدت فيها على أخبار نشرتها الصحافة ووسائل الإعلام المغربية، مع إقصاء أي حالة مشتبه فيها أنها انتحار أو لا تضم معطيات دقيقة. ووفق البيانات الإحصائية حسب الجهات التي رصدتها الدراسة، فإن شمال المغرب عرف أكثر عدد حالات انتحار، وبالضبط في جهة طنجة تطوان الحسيمة بـ 103 منتحر، وتليها جهة الدار البيضاء سطات بـ 44 منتحر، و28 منتحر في جهة سوس ماسة، و27 في بني ملال خنيفرة، و26 في مراكش آسفي، و23 في فاس مكناس، و12 في الشرق، و10 في درعة تافيلالت، و4 في كل من العيون الساقية الحمراء وكلميم وادي نون، و3 في الداخلة وادي الذهب.
كما تفيد الأرقام التي رصدتها ذات الدراسة، إلى أن الكآبة والانتحار تحصد كل عام من الذكور أكثر من الإناث، حيث أنه في منتصف هذه السن عدد الذكور الذي توفوا نتيجة الانتحار، تجاوز ثلاث أضعاف الإناث، بنسبة 231 منتحر ذكر و70 أنثى. وكان ضمن 301 منتحر 31 طفلا قاصرا عمره أقل من 18 سنة، وأصغر منتحر كان طفل لا يتجاوز عمره 8 سنوات في مدينة الحسيمة. وقد يرجع ذلك إلى أنه في معظم المجتمعات فإن الصحة النفسية للذكور لا تلاقي نفس الاهتمام كالصحة النفسية للإناث. نظرا إلى أن الرجل يعد دائما رمزا للصلابة والصبر.
ويسجل في ذات السياق، أن المتدخلين في الموضوع حسب اختصاصاتهم غير مبالين بتاتا، فوزارة الأوقاف دورها محدود جدا في هذا الوضع، كما أن الوضع من الدرجة الأولى من اختصاص وزراة الأسرة و التضامن لأنها هي المعنية بالدرجة الاولى إلا أن هذه الوزارة أصبحت لا دور لها فكلما تمت مراسلتها في أحد المواضيع الاجتماعية إلا و لديها مطبوع واحد جاهز و هو لقد تم إرسال طلبكم إلى المندوبية الإقليمية للتعاون الوطني لمقر سكناكم المرجو الاتصال بها، وهذه الأخيرة التي يكون جوابها سنراسلك عندما…. ولاشيء. موضوع الانتحار أصبح يتطلب إجراء دراسة معمقة في أسبابه و مسبباته، وتجاهل المشكل لم يعد ينفع.