انهيار “البيجيدي”
لم يكن أكثر الناس تشاؤما بالنتائج التي يمكن أن يحصل عليها حزب العدالة والتنمية، يعتقد أن “المصباح” سيتكبد هذه الخسارة المذلة و غير المسبوقة في المشهد السياسي والحزبي ببلادنا، سيما وأن الإسلاميين قادوا الحكومة لولايتين متتاليتين.
التبريرات التي سيقت لهذه الفضيحة على لسان نائب الأمين العام، سليمان العمراني، والذي كان محيطا بأعضاء الأمانة العامة، قبل قليل، وهو يتلو بلاغ الهزيمة، يمكن أن تفهم في سياق معين، وقد تكون وجيهة في حدود معينة، لكن أن يفقد الحزب 112 مقعدا، فهذا يشكل انهيارا تاما لمنظومة العدالة والتنمية في جميع أقاليم وجهات المملكة.
في تقديري البسيط أن هذه الهزيمة لها أسباب داخلية وتنظيمية، أكثر منها مرتبط بالعوامل الخارجية (القاسم الإنتخابي/العتبة/ قرارات مؤلمة اتخذها الحزب..إلخ).
حزب العدالة والتنمية ومناضليه في الكتابات الإقليمية والجهوية، تخلوا عن أدوارهم الحقيقية في تأطير الناس، والبحث عن مناضلين جدد وإقناع الناس بأهمية العمل السياسي وتقريبهم من الحزب، وهذا الأمر يجعل التنظيم حيا قويا ومتماسكا.
غير أن ما وقع في السنوات الأخيرة هو أن الحزب في ربوع المملكة، سيما في الجماعات الترابية التي كان يديرها، انخرطوا في الأعمال القذرة، فصار شأنهم شأن باقي الأحزاب التي كانوا يقنعنون الناس بانها أحزاب فاسدة، فصاروا هم من يصنعون الفساد السياسي.
عندما تمارس الكولسة باعتبارها سلوكا مقيتا وقذرا، عندما تعمد إلى الضرب تحت الحزام، عندما تمارس النميمة السياسية، بين أفراد الحزب الواحد، عندما تقوم بتعبئة الكتابة الإقليمية أثناء الجموع العامة للترشيح، لرفع اسهم البعض وخفض أسهم الآخرين، عندما تمارس الكذب والنفاق في التداول السياسي لإختيار المرشحين.. تكون النتجية هي الإنهيار القيمي داخل الحزب، وبالتي فإن ذلكم الترابط والتآخي والإنسجام والتماسك الذي به كان ينتصر الحزب، وبه كان يخرج إلى الناس، قد تلاشى فحل مكانه الصراع والتنازع على المناصب، فكانت النتيجة الحتمية هي أن ريحهم ذهبت، وصاروا أذلة بعدما كانوا أعزة.
الأكيد أن ما وقع هو ضربة قاضية جدا للتنظيم، ورسالة قوية من الشعب مفادها أن خطابكم السياسي صار متجاوزا، وأن خلافاتكم الداخلية رائحتها زكمت الأنوف، لذلك كان لزاما معاقبتكم لحد لم تكونوا تتصوروه.
ويبدو أن الحزب التقط الإشارة سريعا، إذ أعلنت قيادته تقديم استقالتها، والدعوة إلى مؤتمر استثنائي عاجل، للتقييم الوضع، وتغيير ما يجب تغييره، على رأسها أجهزة الحزب إقليميا وجهويا، التي تتحمل المسؤولية الأكبر في هذا الإنهيار.