مستشفى بن صميم.. أشباح شاهدة على فشل المسؤولين المغاربة
بناية شامخة وسط قرية مهمشة
على الطريق الثانوية التي تربط المدخل الشمالي لآزرو بمدينة إفران، وسط جبال الأطلس المتوسط تقع قرية ابن صميم، حيث تطالعك بناية من ثمانية طوابق محاطة بغابة تزخر بأشجار متنوعة.
مستشفى بن صميم، الذي شيد سنة 1948 من طرف المستعمر الفرنسي على مساحة 40 هكتار، بناية ضخمة صارت إلى اليوم أطلالا،تؤرخ لحقبة الاستعمار الفرنسي في إفران. بناية مهجورة منذ إغلاقها رسميا سنة 1973.
النشأة وأوج العطاء
تشييد مستشفى بن صميم، جاء بناء على طلب تقدم به مواطن فرنسي، يدعى “موريس بونجان” وهو أحد أغنياء فرنسا في إحدى الروايات وفي رواية أخرى أنه طبيب متخصص في الأمراض الصدرية، (طلب) إلى السلطات الفرنسية مبديا رغبته في تشييد مستشفى ابن صميم في المنطقة التي يوجد فيها لحد اليوم بعدما عولج من مرض السل الذي كاد يفتك به، وبعد أن أكد له الأطباء بأنه لا أمل في شفائه من داء السل، استقر بمنطقة بنصميم، وصار يتردد على منبعها، ويعيش على هوائها، فلاحظ تحسنا في حالته الصحية.
بعد هذا التطور، قرر المليونير الفرنسي تشييد “Sanatorium” لتقديم العلاج لمرضى السل كخدمة إنسانية منه لمن يعانون نفس ألمه مع مرض السل بغض النظر عن انتماءاتهم العرقية أو الدينية، الشيء الذي جعل المستشفى الذي كان يعد أكبر مستشفى بإفريقيا آنذاك، قبلة للعديد من الجنسيات من مختلف الدول طلبا لإنهاء معاناة كانت تفتك بهم.
نهاية حقبة وبداية أخرى
امتدّ عطاء هذا الصرح الاستشفائي إلى غاية سنة 1973، حيث انهار كل شيء فجأة، بعد أن هجر الفرنسيون المستشفى عام 1965،وسلّموه إلى المغاربة، الذين ولأسباب مجهولة، أغلقوه ثمانَ سنوات بعد ذلك، ليتحوّل إلى أطلال تدمي القلب، بعد أن تم نهب تجهيزاته.
ولم يتبق من سنين مجد هذا المستشفى، سوى بضع صور بالأبيض والأسود توثق لها، إذ يظهر فيها المرضى راقدين على أسرّة نظيفة تعتنيبهم الممرضات والأجهزة الطبية من كل مكان، وسط قاعات فسيحة وأنيقة لا تتوفر على مثيل لها كثير من المستشفيات المغربية في الوقت الراهن.
أشباح بن صميم تطارد المتطفلين
هناك قصص كثيرة تتعلق بالجن والأشباح التي سكنت مستشفى بن صميم بعد أن هجره الإنس، أحد هذه القصي تقول أن ثلاثة شبان أوقفوا سيارتهم أمام بوابة مستشفى بن صميم، ودخلوا يستكشفون ما بالداخل، لكنهم حين خرجوا فوجئوا بأن سيارتهم تعرضت لتكسير زجاجها، علاوة على محاصرتهم بحجارة قادمة من الغابة المقابلة، حيث ارتفع البكاء والنواح.. إلى أن انحسرت الحجارة في الهطول، ليركبوا سيارتهم ويفروا بأسرع ما يمكن.
قصص الأصوات الغريبة وهجمات الحجارة بمستشفى بن صميم، أسالت لعاب “اليوتوبرز” الباحثين عن بضع مئات من المشاهدات، فضلاعن الشباب الباحثين عن قليل من الإثارة. لكن الأمر طبعا أبسط من ذلك فهجمات الحجارة يمكن أن تكون من فعل الإنس وتخطيطه وليس بالضرورة أن هناك تفسيرا غير طبيعي، كما أن المستكشفين الذين يطلقون أرجلهم للريح عند أول صوت غريب يسمعونه في منطقة خلاء، ليسوا أهلا لحكي قصص الأشباح التي “سمعوا” صوتها في مستشفى بن صميم.
كورونا تكشف “فضيحة” بن صميم
بعد أن تعالى النواح حول عدم تمكن البنية الصحية بالمغرب من احتواء مرضى داء كوفيد-19، بضع مئات من المواطنين الذين أبوا إلا أنيساعدوا وزارة الصحة في ما استعصى عليها، وطالبوا بإعادة تأهيل وفتح مستشفى بن صميم الذي أنشئ في الأصل لمداواة مرضى داءصدري، فلماذا لا يكون سلاحا في محاربة داء صدري آخر.
جواب وزارة الصحة لم يتأخر وجاء سريعا، ففي جواب وزير الصحة على سؤال كتابي لبرلماني، أن المستشفى الذي أصبح عقارا تابعا لوزارةالداخلية منذ ثمانينيات القرن الماضي أي بعد إقفاله. كما أنه ومنذ العام 2015 تم تفويته لمستثمرين أجانب من أجل تحويله إلى مشروعصحي وسياحي، وهو المشروع الذي لم ير النور أبدا، وكأن أشباح بن صميم لها يد في ذلك.