“مول الفران”… حين تحولت شهرة التحديات إلى مأساة في أعماق البحر
على شاطئ مرقالة في طنجة، كانت الأمواج تتلاطم بهدوء، وكأنها تخفي سرا ثقيلا في أعماقها منذ يومين، اختفى عبد الإله، الشاب المغربي المعروف باسم “مول الفران”، وسط المياه الباردة، بعدما فشل في تنفيذ تحد خطير اعتاد مشاركة متابعيه به.
اليوم، تمكنت فرق الوقاية المدنية من انتشال جثته، لينتهي بذلك فصل مأساوي من قصة بدأت بشغف وانتهت بصدمة.
كان عبد الإله شابا نشيطا على مواقع التواصل الاجتماعي، يملأ صفحاته بمقاطع فيديو تحث على الرياضة، بدأ طريقه كمؤثر يلهم الشباب، لكنه سرعان ما انجرف نحو محتوى أكثر جرأة وخطورة، سعيا لجذب المزيد من المشاهدات والإعجابات، من إضرام النار في جسده إلى القفز في مياه البحر المثلجة، كانت تحدياته تتزايد خطورة، إلى أن جاءت اللحظة التي لم يتمكن فيها من النجاة.
في ذلك اليوم، قرر عبد الإله، برفقة أصدقائه، العودة إلى شاطئ مرقالة لتنفيذ تجربة جديدة، مشابهة لمغامراته السابقة.
أشعل النار في جسده وقفز في المياه، كما فعل من قبل، لكنه هذه المرة لم يتمكن من العودة، حاول أصدقاؤه مساعدته، لكن التيارات البحرية كانت أقوى، وسرعان ما اختفى عن الأنظار.
على مدى يومين، كانت فرق الإنقاذ تبحث عنه، مستخدمة الزوارق المطاطية والمعدات اللازمة، إلى أن تمكنت، ظهر اليوم الإثنين، من العثور على جثته، لتنقل بعد ذلك إلى مستودع الأموات من أجل التشريح الطبي، قبل تسليمها إلى عائلته لتوديع ابنها في جنازة حزينة.
حادثة “مول الفران” ليست الأولى من نوعها، فالتحديات الخطيرة باتت ظاهرة عالمية في مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يسعى البعض إلى جذب الانتباه بأي وسيلة، حتى لو كان ذلك على حساب حياتهم، من تناول مواد خطرة إلى تنفيذ مقالب متهورة، أصبحت الشهرة الرقمية حلما يدفع ثمنه الكثيرون.
في أعقاب هذه المأساة، تحولت صفحات التواصل الاجتماعي إلى ساحة للنقاش، حيث عبر كثيرون عن حزنهم واستنكارهم لهذه الظاهرة، كتبت احداهن: “الآن قناته سوف تكبر، رحمه الله، الأرواح صارت رخيصة ويلعبون بها”، بينما قالت أخرى: “رحمه الله. البحث عن الشهرة، الله يهدينا أجمعين ويرزقنا حسن الخاتمة”، فيما علق آخر مستشهدا بالآية الكريمة: “وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ.”
على الجانب القانوني، تم إيقاف أصدقاء عبد الإله الذين كانوا برفقته وقت وقوع الحادث، للتحقيق معهم بشأن ملابسات ما حدث.
وبينما ينتظر الجميع نتائج التحقيق، يبقى السؤال الأهم: هل ستكون هذه الحادثة درسا لغيره من الشباب الطامحين للشهرة السريعة؟ أم أن عجلة المخاطرة ستستمر في الدوران حتى يسقط ضحايا جدد؟
ربما تكون قصة “مول الفران” مجرد واحدة من بين عشرات القصص المشابهة، لكنها بالتأكيد تدق ناقوس الخطر، وتذكرنا بأن البحث عن الأضواء قد يكون، أحيانا، خطوة نحو الظلام.