التغزوتي.. قاض حگم فعدل فنام!!

قبل دقائق من نطق الأحكام القضائية الخاصة بالمتهمين في قضية “مجموعة الخير”، كان القاضي التغزوتي يوزع نظراته على المتهمين وذويهم، والضحايا وعائلاتهم.

كان يعلم ابتداء أن لائحة أحكامه، بقدر ما ستثلج صدر البعض بقدر ما أنها ستكون مؤلمة في حق البعض الآخر، لذلك طلب منهم الهدوء وعدم الصراخ، وإعطاء للحق لباقي المتهمين 25 لسماع منطوق الحكم.

القاضي الإبتدائي التغزوتي، وقد دخل عمليا في اليوم الثالث، وهو يناقش هذه القضية المعروضة عليه، بدا قبل النطق بالحكم، وكأنه لتوه تسلم هذا الملف، لازال الرجل يحتفظ بكامل طاقته وعافيته وتركيزه، وهو الذي قضى أزيد من 40 ساعة، وهو يناقش المتهمين والمحامين، ويحاول فك طلاسيم هذه القضية.

كان التغزوتي يدرك أنه أمام ما لا يقل عن ألف أو يزيدون من الضحايا، تعرضوا لأكبر عملية نصب، إذ سلموا أموالهم للمتهمين الرئيسيين أو المشاركين، وقد أوهموهم أن استعادتها ستكون بعد أشهر لكن بمقابل مزجي، فصدق الطامع الكاذب، فكانت النتيجة على النحو الذي تابع الرأي العام ونقلته وسائل الإعلام، بكاء وعويل وصراخ وحسرة على أموال ضاعت دون وجه حق.

تعامل التغزوتي مع هذا الملف مستعملا خبرته الطويلة في قضايا التلبس. أسئلته كانت توجه بدقة للمتهمين.

رصيده الثقافي والمعرفي جعلانه يدير الجلسة بساعاتها الطوال دون أن يظهر عليه ارتباك او عياء أو شيء من هذا القبيل.

كان التغزوتي صارما منذ البداية، فلم يشأ تأخير الجلسة، او تقسيمها، وقال لهم:” لن أغادر هذه القاعة حتى أنطق بالأحكام”.

هنا فهم المحامون أن عليهم إعداد مرافعاتهم، وان ساعات طوال تنتظرهم للمناقشة.

النيابة العامة حرصت بشكل كبير على حفظ الحق العام، وظهر ذلك جليا في مداخلة النائب المعين لهذه الجلسة، وقد ساعد التغزوتي في أسئلته ومرافعته المتميزة كانت عنصرا مهما من عناصر تكوين قناعة القاضي قبيل نطقه بالأحكام.

ستدخل ابتدائية طنجة التاريخ في هذا الملف، نظرا لساعات العمل المتواصلة في هذا الملف “فاقت 40 ساعة”.

ثم بالنظر إلى حسن تدبير هذه القضية الشائكة والذين تجاوز ضحاياه ألفا من المشتكين، كانوا يأتون إلى أبواب المحكمة في كل جلسة للمطالبة بأموالهم.